( روافض – نواصب ) الحوثيون بين عصا السلطة ، و جزرة القبيلة
في حوار ” حسين عبد الله الأحمر ” مع جريدة النداء ..تتضح الصورة اليمنيّة على أكمل وجه .. و في هذا الحوار تستطيع ان تكتشف كيف يتمّ الأمر .. عندما تخلط القبيلة بـ ( الديمقراطيّة ، و الحقوق الدستوريّة ) لتستبيح ” دماء المتمردين ( المخالفين بالقبيلة ) ” حرصا على الوحدة الوطنيّة اليمنيّة .. و ” الأحمر ” هذا هو أحد مشايخ ” و يلفظونها باليمنيّة ” مشائخ ” قبيلة ” حاشد ” المنافس الوحيد لتمدد ” بكيل ” حيث يتم تقاسم النفوذ ، و السلطات .. بسيف القبيلة أولا .. و ثانيا ، و ثالثا …و في هذا الحوار تكتشف ما الذي تفعله سطوة القبيلة .. و كيف أقبل لنفسي ما أتهمك به ..وعليك أن تغلق مشهد المقابلة على الصورة التي ينقلها اليك الصحفي اليمني الذي أجرى الحوار ” علي الضبيبي ” : زرته، الأحد الماضي في منزله المكتظ حوشه ، و بواباته برجال حاشد المسلحين .. وبعد أن أجريت معه هذا الحوار الذي استغرق نحو ساعة استقل سيارته الحديثة ، و توجه، تتبعه عدة ( صوالين مسلحة ) … لتلاوة الفاتحة والدعاء على قبر والده المرحوم عبد الله بن حسين الأحمر ..و يومها كان اللقاء من أجل الاستفسار عن مشاركة السيد” الأحمر ” للسلطة في الحرب على الحوثيين … فماذا في خلفيات الحوار ؟؟ يجيب ” الأحمر ” بما يلي :
– لا بد على الدولة ممثلة بالقيادة السياسية أن تخمد هذا التمرد بكافة الأشكال ، والوسائل دون تأخر، أو تسويف لأنّ هذا التمرد أنا أعتبره سرطاناً ينهش في الجسد اليمني ، ويسبب معضلة كبيرة لليمن
– لا يوجد حل أمام الدولة إلا القوة، لأن هؤلاء المتمردين لهم أبعاد وأهداف كبيرة. .
– لم يقبلوا الرضوخ لمنطق العقل ، و للدستور ، والقوانين ، وللحوار
– أن ينزلوا من المواقع ويسلموا السلاح الذي أخذوه على الدولة ، وأن يفتحوا الطرق ، و يمارسوا الحياة المدنية التي كفلها الدستور مثل كل القوى السياسية، و يعملوا لهم منظمة ، أو مؤسسة ، أو حزباً..
– الآن أصبحوا مشكلة تهدد الأمن الاجتماعي ، وأصبح أي قاتل ، أو قاطع طريق ، أو مطلوب للعدالة يفر وينضم إلى الحوثي … أصبح الحوثي مأوى لكل المجرمين والفارّين من وجه العدالة.
– هو يلتزم باتفاقية الدوحة حسب هواه ، لأن الاتفاقية كانت مطاطية ، وغامضة وليست واضحة ، ولذلك تمكنه أن يفسرها كيف يشاء.. و كانت فلتة من الدولة أن تعمل اتفاقية الدوحة مع متمردين..
– نحن مستعدون أن نقوم بواجبنا عند الدولة، وأن نحلّ مشكلته نحن ، وغيرنا من المشائخ ، و العلماء ، و المنظمات ، و كل الناس
– نحن مستعدون أن نتعاون مع الدولة بكل ما تريد. مستعدون .. برجال.. بمال.. بسلاح.. بعتاد.. بكل شيء.
– قبيلة حاشد هي جزء من اليمن، وإذا كان هناك تجييش للقبائل فهو تجييش للكل.. لا يوجد شيء اسمه تجييش لحاشد. هناك تجييش في حجة.. في الجوف.. في حاشد وعمران.. في كثير من القبائل اليمنية.
– الدولة لها الحق أن تستعين بالقبائل، و الأفضل لها أن تجند ، و تحشد مقاتلين من مختلف الشرائح ، و من مختلف القُبل..
– من خلال التجارب السابقة ألاحظ أنّ الحوثي غير مستعد لأي تجاوب.. هو يتجاوب إعلامياً لكن عملياً لا يتجاوب.. و الحوثي كان في البداية يقول إنه يدافع عن نفسه.. اليوم يشعل حرائق ، و معارك في الجوف.. في عمران ، و كان في بني حشيش ، و في سفيان ، و في حاشد ، و يريد أن يسيطر على مناطق جديدة ويحتل مناطق جديدة بالقوة… هناك 3 مديريات في الجوف تحته تماماً.. ومديرية في عمران سيطر عليها سيطرة كاملة… نحن لن نتخلى عن الدولة أمام أي مشكلة تهدد أمن ، و استقرار اليمن، حاشد ، و غيرها.
– إيران داعمة للحوثي.. و الدولة ساهمت في إنشاء الحوثي ، و خلق الظاهرة الحوثية ، و هناك بعض الدول العربية للأسف تقدّم لا شك للحوثي دعماً خفياً...سواء كان دعماً مذهبياً ، أو إعلامياً ، أو غيره
– . أما بالنسبة للإخوة في المملكة العربية السعودية.. فأعتقد كان لهم موقف جماعي مع دول مجلس التعاون الخليجي، موقف ظاهر. ولا أعتقد أنه كان للسعودية دخل في هذه الحروب، لأنها تعتبر هذا شأناً داخلياً يخص اليمن… لكن إيران تصريحاتها، إعلامها ودعمها اللوجستي للحوثي بشكل ما نتصور.
– الإيرانيون يدعمونه، ومنذ أكثر من 10 سنوات ، وآلاف من اليمنيين الذين درسوا في إيران ، كانوا من أتباع الحوثي، ولا شك أن هناك إيرانيين يدرِّبوا في صعدة ، وإذا لم يكونوا إيرانيين فهم أتباع لإيران من أي منطقة كانت، سواءً كانوا يمنيين ، أو غير يمنيين، فهم ينفذون توجيهات وأجندة إيرانية
– الأحرى بنا كأمة إسلامية أن نكون يداً واحدة وصفاً واحداً، لا أن نثير الفتن ، و الأحقاد ، و نحيي المذهبيات والعرقيات ، و العصبيات الدينية ، و غيرها. يجب أن نقف صفّاً واحداً إزاء ما تواجهه الأمة من مخاوف ، و هجمة شرسة على الدين وعلى الإسلام وعلى العروبة.. فالأحرى بإيران أن تكون أكثر مرونة وأكثر حرصاً من التدخل في شؤون أي قطر عربي.
– لا شك أن هناك حرباً قوية على حاشد. وحاشد، هي للأسف دائماً تساند الدولة، ولا تجني إلا شر الدولة، أما خيرها ماشي.. إن في شر إحنا شركاء، وإن في خير فهو لغيرنا. ولكن أريد أن أقول لك إن حاشد عندها الكفاءة والقدرة، ولا أحد يستطيع أن يضعفها، لا حوثي ولا غيره، وهي مستعدة أن تواجه وتدافع عن نفسها لوحدها ، و بدون دولة…
– الحوثي حالة خاصة ونادرة. أنا أتكلم عن الحوار مع الجنوب ، الذين لا يزال عندهم شيء من قبول الحوار و شيء من مصداقية الوحدة.. أتكلم عن الأحزاب ، و المنظمات السياسية ، و المدنية ، و النقابات ، والعلماء و الزعامات الاجتماعية ، و الشخصيات الاجتماعية المؤثرة..
– إذا كان عند الإخوان في المشترك رؤية .. أو باب مفتوح للحوار مع الحوثي .. و يستطيعون أن ينزلوه من المواقع ، و الجبال ، و المدارس ، و المرافق الحكومية ، و يفتح الطرق ، و يطلق الرهائن ، و سيعود مواطناً و يعمل وفق الدستور ، وما كفله ، ونظّمه القانون، فهذا شيء عظيم.. عليهم تقديم مبادرة ..و أن يذهبوا إلى صعدة ، و يلتقوا بالحوثي ، و يحلّوا المشكلة و يتحملوا المسؤولية ..
في هذا النصّ المكثف .. تستطيع أن تلاحظ ما يشبه الشيزوفرينيا .. فالأحمر من ناحية يريد القضاء على التمرد الحوثي ، و هذا يعني انهاء الحوثيين كظاهرة معارضة بالسلاح للنظام اليمني .. و هو من ناحية ثانية يريد لهذا التمرد ان ينتهي بشكل سلمي بحيث يتحوّل التمرد المسلح الى حزب ، او منظمة .. و كفى الله المسلمين شرّ القتال إنّ السلطة هي الفاعل الحقيقي في أحداث اليمن .. و لغاية ما قرّر نظام علي عبد الله صالح أن ينهي الظاهرة الحوثيّة .. حتى لو استعدى القبائل على بعضها ..و الأحمر هنا هو الناطق الرسمي باسم القبائل التي تداعت من أجل الدفاع عن النظام .. و هي قبائل زيديّة المذهب من ناحيّة ، و من ناحية اخرى هي تجمّع لقبيلة حاشد ، و بعض قبائل بكيل .. ضد عناصر تحوي خليطا من كلا القبيلتين .. أي أن القبليتين اللتان تمثلان ( لحم ، و عظم ) النظام قد قررتا حسم هذا النزاع من اجل بقاء هذا النظام .. و من ثمّ الإبقاء على الامتيازات ، و النفوذ التي يتمتعون بها ..و أنا ( كقبلي ) أختار بين أمرين .. بقاء النظام بشكله الحالي ، و قد خبرته عبر ثلاثين عاما . و خلالها قمت بالحصول على امتيازاتي .. أو سقوط هذا النظام ، و مجيء نظام جديد لا أعرف من خلاله الحدود التي تصل إليها امتيازاتي ..و أنا اختار بقاء النظام .. حتى و لو كان أخي ضد هذا النظام ، و يطالب بتغييره .. مهما كان الثمن ( حميد الأحمر هاجم النظام على قناة الجزيرة ) ، اذا ماذا تكتشف من خلفيّة هذا الحوار؟؟ :
1 – من أين جاء ” الأحمر ، و من معه ” بالمال ، و السلاح ، و العتاد ، و كل شيء .. التي سيدعم بها النظام اليمني .. من ناحيتي سأقبل بالمعروف عن الشعب اليمني من حبّ المواطنين لاقتناء السلاح .. ولكن من أين جاء المال ، و العتاد .. حسنا سأقبل أيضا أنّ المال ، و العتاد .. هما من تبرعات القبائل .. أي أنني في اليمن السعيد أستطيع أن احصل على السلاح بكل سهولة .. و من مصادر متعددة ..كما استطيع أن احصل على المال .. فلماذا أقبل لنفسي ذلك .. و أنكر على الآخر ما أبرره لنفسي .. أي بمعنى آخر لماذا يحصل الحوثي على السلاح ، و المال ، و العتاد بغير الطريقة التي أحصل بها عليهم ..الآن إذا كان الحوثي يحصل على ماله ، و سلاحه ، و عتاده من حليفته ايران ..فأنا سأحصل على المال من حليفي .. و حليف ” الأحمر ” هي السعوديّة التي كان قد عاد منها إثناء الأحداث …إنّ ايران ، و السعوديّة على خط الأحداث ، و ضمن مفهومين مختلفين .. و علي عبد الله الصالح يستطيع الآن أن يلعب على كلّ المحاور .. و الحرب طال أمدها .. و لا بوادر في الأفق تشير الى حسم هذه الحرب ..فهل سيستطيع الرئيس اليمني أن يستثمر التناقضات الإقليمية الى أمد طويل .. الدلائل تشير الى غير ذلك مع استمرار نزيف الدم اليمني من كلا الجانبين .. و اليمن لا تتحمل صراعا قبليا طويل الأمد …
2 – ما هو الحقّ الذي يبيح للدولة ” تجييش القبائل ” .. أليست هذه دولة ” الدستور ، و القانون ، و الحوار ” ؟؟.. الأمر ابعد من ذلك .. نحن سنقوم بتأديب المتمردين الزيديين .. لأنّنا زيديون .. و لا نريد للسيد علي عبد الله صالح أن يرتكب إحدى حماقاته .. فيستعين بقبائل سنيّة .. و حينها سنشق الصف الزيدي .. و علينا بعد ذلك أن ندفع ثمن هذه الحماقة من نفوذنا ، و سطوتنا .. إذا يجب أن ننهي هذا التمرد بأيّ شكل .. إمّا بالحرب عليه ، أو بترغيبه بالعودة إلى مائدة السلطة …و نحن في كلا الحالتين سنبقى ممسكين بالسلطة …
3 – كما إنّ الحقّ في تبرير الدفاع عن ( القبيلة ) من قبل احد مشايخ حاشد ..حتى ، و من دون الدولة .. يعيد طرح الاشكاليّة ذاتها .. كيف تستطيع ان تدافع عن ( قبيلتك ) دون تدخل الدولة .. و هل إذا انقلب ظهر المجّن ، و أصبحت خصما للدولة .. فهل ستنزل السلاح ؟؟؟ أم ستتخذ موقف الحوثي ؟؟؟ و ماذا اذا انقلبت الأدوار .. في سلطة رئيسها بهلوان يلعب على كلّ الحبال ؟؟ و مالذي سيمنع الحوثي عندئذ من أن يتهم الأحمر .. بأنّ تمرده أصبح ملجأ للقتلة ، و الهاربين من وجه العدالة ؟؟
4 – و بشكل غير مباشر .. غمز الأحمر من قناة المذهبيّة .. و بدون تصريح .. عبر الدعوة إلى الوحدة الإسلامية و حشر إيران بهذه الدعوة ..اذ ما لا يستطيع ان يتهم به صراحة .. يوارب به .. و بهذا يكون السيد الأحمر قد حرّض على استباحة ” الدم القبلي الزيدي ” بحجّة التشيّع .. و هذا ما يجري على واجهة الأحداث .. فما الذي يجري في الغرف المغلقة ؟؟؟ ربّما هناك حدود لتكفير الزيدي .. من قبل الزيدي .. و هذا الذي جعل الرئيس اليمني ايضا يمتنع عن الخوض في هذا الأمر .. عليك فقط ان تشير الى ايران .. و سيفهم المتابع الخارجي انّ الحوثيون قد اصبحوا ” روافض ” ، و انّ زيديّو النظام هم أقرب الى السنّة .. و السنّة في اليمن ينظرون الى استئثار الزيديّون بالسلطة من ناحية مذهبيّة … و يكفرون كلا الاثنين .. و هؤلاء ، و هؤلاء يقتلون الدين من اجل مصالح سياسيّة .. و دفاعا عن النفس من انتهاكات النظام اليمني الذي بدات رائحته تزكم الأنوف
5 – ماذا في مطّاطيّة اتفاق الدوحة ؟؟ في هذا الاتفاق تمّ ضمان أمن السلطة من تداعيات التمرد خلال خمس حروب .. و تمّ ضمان عودة قيادات التمرد ، و إطلاق سراح المعتقلين .. و تسليم السلاح المتوسط ، و بقاء السلاح الخفيف فقط بأيدي الرجال مع ضمان عدم إطلاق ” الشعارات ” أمام نقاط التفتيش ..و في الواقع فإنّ هذا الاتفاق ضمن للنظام اليمني .. أكثر مما ضمنه للحوثيين ..و اذا اعتمدنا نظريّة المؤامرة ( فهذه كانت فعلا تخريجة للنظام ، و المتمردين ) ، و هو اتفاق واضح لا يستطيع الحوثيون من خلاله أن يتلاعبوا بأيّ بند من بنوده .. إلاّ بالانقلاب عليه تماما .. فهل انقلب الحوثيّون على هذه الاتفاقيّة ؟؟؟ الأحمر هنا يكذب ، و بامتياز…فالبنود الـ 14 للاتفاق ستقلب الدنيا على الحوثيين لو انقلبوا عليها .. و إلى الآن لم يصدر تصريح من الدولة الراعية على أنّ الحوثيون قد نكثوا بالبنود .. و هذا احد الأسرار التي تنكشف من خلال امتناع النظام اليمني عن قبول أي وساطة عربيّة ، و التي ستبدأ حتما من بنود اتفاق الدوحة .. أو ستؤسس عليها ..
6 – أتقن الأحمر في هذا الحوار سياسة ( العصا ، و الجزرة ) .. و لكن لم ينتبه بعد إلى أنّ الحمار يمشي بالمقلوب .. فهل أقبل الآن أنّ علي عبد الله صالح هو من مكّن الحوثيين من الحصول على كلّ المكاسب لغاية في نفس النظام داخليا ، و إقليميا.. و إنّ الأمر لا يعدوا كونه تمريرا لبعض الاستحقاقات .. الحراك الجنوبي بهذا الزخم هو الذي فاجأ علي عبد الله صالح .. و عليه أن ينهي التمرّد الحوثي بأي شكل .. و لنمنع هذا التناغم بين تمرّد الشمال المسلح .. و الحراك الجنوبيّ الذي لا نعرف متى يتحوّل إلى حراك مسلّح .. و لتكن حربا قبلية زيديّة – زيديّة .. نستخدم فيها كل الأسلحة .. من النار الى الإقصاء .. الى الاتهام المذهبي .. و عندها نتفرغ للجنوبيين .. و قد تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .. فهل هبّت الرياح في اليمن ؟؟؟
رشيد السيد احمد