السلطة الفلسطينية باقية رغم أنف فتح !
بعد إعلان عباس عدم ترشحه لفترة رئاسة قادمة وما قبل ذلك كانت الآراء تدور حول جدوى السلطة من عدمه وخاصة أن الأوضاع في الضفة الغربية يزداد حالها من سيء إلى أسوأ ، وفي ظل هذا الواقع الرديء لسلطة أوسلو تنادت الأصوات مطالبة بحل السلطة ، فلا شيء يخفي الواقع الذي تقع فيه سلطة رام الله وخاصة منظري الحل الأوسلوي ، حيث أعلنوا بدء من رئيسهم إلى "صطف " المستشارين أنهم وصلوا إلى طريق مسدود في مفاوضاتهم مع الجانب الصهيوني .
الفشل الذي حققه هذا التيار كان له انعكاس كبير على حركة التحرر الوطني وعلى البرنامج الوطني الفلسطيني ، تحدث أصحاب القرار في هذه السلطة على أن حكومة ناتنياهو لم تعطيهم شيئا ، وليس في المنظور أن تعطيهم شيئا سوى تنمية قدرات أجهزة الأمن التي حاضر فيها عضو اللجنة المركزية الأوسلوية لحركة فتح عباس زكي ، هذا كل ما تستطيع أن تقدمه إسرائيل وأميركا لتلك السلطة .
المؤشر يقول أن إسرائيل تدعم قوى الأمن الفلسطينية بقيادة رئيس الحكومة فياض ، وفي جانب آخر تبدي تعنتا كاملا أمام المتطلبات السياسية التي تطالب بها السلطة السياسية لإستمرارية تفاوضها مع الجانب الصهيوني .
السلطة الفلسطينية بما فيها حركة فتح وصفت فشلها بأنه ناتج عن حكومة التطرف في إسرائيل ، وهنا نضع السؤال الآتي :
ماذا حققت السلطة في تفاوضها مع كاديما ؟ .. غير ما صرحت به ليفني بأنه عملية كسب الوقت لتنفيذ برامج مختلفة في الضفة الغربية ، وأولها الإستيطان .
تقول بعض الأصوات يجب حل السلطة وفياض يقول السلطة باقية ، واتباع خيار آخر في التعامل مع الكيان الصهيوني ، فمنهم من يقول ثورة سياسية ومنهم من يقول كرئيس الحكومة الفلسطينية فياض بقوله ثورة دوليا على إسرائيل ، ومنهم من قال واصفا الثورة السياسية بالإنتفاضة السياسية ، والرأي الآخر يقول يجب أن نتبع بوضوح وبرؤية واضحة برنامج الكفاح المسلح ، ولا أرى هناك اختلافا بين من يرى بالإنتفاضة السياسية على الساحة الفلسطينية مطلب واستحقاق بل هو يصب في خانة اعتناق الكفاح المسلح والعمل الثوري كطريق وحيد لتحقيق التوازن السياسي المطلوب لإيقاف الإستيطان وإخضاع إسرائيل إلى أبعد ما تطالب به سلطة رام الله والبرنامج السياسي الحالي الذي تتبعه منظمة التحرير وهو إقامة الدولة الديمقراطية الفلسطينية على أرض فلسطين كحل تاريخي وجذري للصراع .
كل هؤلاء الذين يبحثون عن خيارات أخرى ، هل نقول سبق القطار رؤيتهم ؟ ، أم ما زال القطار واقفا في محطته ينتظر آفاق جديدة وتعامل جديد معه لكي نأخذ السفينة الفلسطينية والركاب الفلسطينيين إلى بر الأمان وخاصة الأرض التاريخية والحقوق .
حركة فتح ببنيتها الحالية هي لقمة مستساغة لرؤية فياض ولأحلامه ولبرنامجه في إقامة الدولة في الضفة .
الرجل القوي فياض هو الذي يمسك زمام الأمور السياسية والمالية والأمنية ، ولا أستطيع إلا أن أقول تشكيلات فتح في الضفة الغربية ما هي إلا تجمعات يحكمها رأس المال لسلطة رام الله ولرؤية فياض ، ولا أعتقد أن حركة فتح في الضفة قادرة على مواجهة فياض وأجهزته الأمنية في حين قررت حركة فتح تنفيذ ما جاء في البيان السياسي لمؤتمرها السادس في بيت لحم وهو خيار الكفاح المسلح ، ولا أعتقد أن حركة فتح أوسلو قادرة على أخذ الخيار بحل السلطة ، وكذلك رئيسهم عباس ، فالذي يقود في الضفة الغربية هي حكومة فياض التي تلاقي تأييدا غربيا وأميريكيا وإسرائيليا أيضا ، يذهب فياض بسياسته لبناء مؤسسات إقتصادية يتحدث عنها بأنها مؤسسات دولة ، فياض ماض في تصوره المدعوم أوروبيا وأمريكيا ولا يعير انتباه إلى كل أصوات الضعفاء في قيادة حركة فتح ومركزيتها في الضفة الغربية .
الوضع قائم كما هو عليه ، الإستيطان يتقدم للأمام .. بعد شهور يمكن أن يصيغ الجميع بيان النعي بالمسجد الأقصى والقدس وتبقى حكومة فياض هي مسيرة الأمور في الضفة الغربية بما تمتلكه من مال غربي .
عباس الضعيف بوجوده في السلطة وذهاب عباس لا يعني أن هناك خيارات لرئاسة السلطة في ظل الأوضاع القائمة إلا عملية التمديد للرجل الضعيف عباس ، لكي يستمر فياض في بناء مؤسساته الأمنية والإقتصادية في الضفة الغربية .
أصبحت حكومة فياض حقيقة واقعة على الأرض أفقها وواقعها يتجاوز أحلام الضعفاء في قيادة مركزية فتح ومجلسها الثوري ، ولن يستطيع أحد من هؤلاء حتى الرئيس عباس أن يعلن حل السلطة ، فالأجهزة الأمنية قائمة وأجهزة الشرطة قائمة وهي الأجهزة والمؤسسات السيادية القادرة على حماية حكومة فياض وبرنامجها نحو إقامة ما يسمى بالدولة في الضفة ، وليس لديهم خيار آخر إلا الركوع تحت أقدام فياض وبرنامجه .
أما المقاومة الفلسطينية فالحديث يطول هل هي قادرة على فتح خيارات أخرى في الضفة الغربية أم تكتفي ببعض التصورات على الجبهة اللبنانية وفي قطاع غزة .
بقلم / سميح خلف