أحمد فوزي أبو بكر
نزل الحديدُ من السّماءِ
لكيّ يقيّدَ معصمي
نزل الحديدُ وبالمقاصلِ
تُقْطُعُ الأعناقُ والأرزاقُ
والأقدارُ تكتبُ من دمي
نزل الحديدُ من السّماءِ
وليسَ في كفّي دروعٌ
تكبح السكّينَ عن عُنُقِ السََّجين
…
قد مزَّقتني حَربَةُ الأوغادِِ
غارَت في دموعي حيرَتي
يا نارُ لا بردٌ يرُدُّ الرّوحَ
لا دفءٌ يرمُّ العَظْمَ
لا عُشبٌ يسدُُّ الجوعَ
لا سقفٌ يواري سَوْءَةَ المحزون
….
سألَ التّرابُ جوارحي
أقطعتَ رحماً يا بُنيّْ ؟
فَلْيُشْطَرُ الجسدُ النحيلُ وليمةًً للوحشِ
إن خالفتُ عَهْدَ الأقربينْ
…..
أُمّاهُ قد قَطَعَ الحديدُ يديَّ
في حُمّى الدُّعاءِ
وأُحرقت سُفُني فلا رزقٌ يقرَّبُ
من شفاه الجائع المسكينْ
….
وأقولُ بعد الآهِ
يا ظهري تَصَبَّرْ
جملَ المحاملِ
مالت الأوزارُ من فَرْطِ العياء
من ذا يُشاطركَ العَناء
ها إخوتي عشرونَ فوق عروشهم
ما أظهروا للنّّزفِ في نحري ندامتَهم
ولا هُم مُوقَظون
…..
ها إخوتي عشرونَ
باعوا لحمِيَ المسفوعَ في نارِ العدى
يتسوّلونَ الْمَهْرَ من سوقِ النخاسةِ والبَغاء
…..
أُمّاهُ
قد قطَع الحديدُ مرارةَ الصوتِ الحزين .
واغرورَقت عينايَ في الدَّمعِ الْمُهينِ
وإخوتي عشرونْ
….
أُمّاهُ
إنّي لا أرى مدّاً ولا قمراً
يضيءُ اللَّيلَ في سجني .
إنّي أرى قِطْعَ الظلامِ يُمَزِّقُ
الأملَ الحزين
إنّي أرى قِطَعَ الظلامِ تحاصرُ
النّورَ الضّنين
……
وأجودُ بعدَ الآهِ
خُطَّتْ من دمائي لوعةُ الكلمات
وأصيحُ لا يا ظالمي
قد أيقظتني قَسْوَةُ اللّطمات
لن أنتشي بقصيدتي
إنما بكيتُ حروفَها
فبريقُ دمعي يدحَرُ الظّلمات
….
أُمّاهُ
هل خلف الحديدِ
جموعُ جيشِ الفاتِحين
إنّي أرى ما لا يراهُ
القَلبُ في وَضَحِ اليقين
هُم قادمون
هُم قادمون