محمد الياسري
هل سيشارك العراقيون بحماس في الانتخابات؟ سؤال يطرح ولا تفصلنا سوى أياما معدودات عن العرس الانتخابي العراقي ..
قد يكون من المبكر لأوانه معرفة الاجابة على هذا السؤال لأسباب كثيرة ومختلفة بعضها يعكس الواقع السياسي العراقي الذي القى بظلاله على الشارع الشعبي وآخر يتعلق بالثقافة الانتاخبية للمواطنين وثالث ربما يعود الى التوترات الأمنية و خوف الناخبين مما لا يحمد عقباه من اعمال ارهابية قد تستهدفهم في بعض مناطق البلاد.
لكن الشيء الاساس والثابت أن العراقيين بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم الفكرية والعرقية والمذهبية يرون أن الانتخابات هي مفترق طرق لهم وللعراق عموما.
لقد اثبتت تجربة الانتخابات الأولى، رغم الظرف الأمني السيء الذي كان يسود البلد وانسحاب البعض من العملية السياسية والعمل بمبدأ القائمة المغلقة و المحاصصة الطائفية، أن العراقيين تواقون لممارسة التجربة الديمقراطية وانتخاب الأشخاص اللذين ينبغي أن يمثلوهم، وقد تحدوا في عام 2005 كل الصعاب وجعله من الانتخابات عرسا بهياً لا يمكن لأي متتبع للشأن العراقي نسيان تلك الأجواء المفعمة بالتحدي والايمان بنصر العراق على كل القوى الظلامية التكفيرية.
واليوم والساعة تقترب لاجراء ثاني تجربة انتخابات برلمانية، ورغم ما عاناه المواطن البسيط من جحود اللذين اوصلهم لمجلس النواب وتنعموا بخيرات البلاد والعباد ونسوه دونما ادنى خجل او خوف، فأن هذا المواطن، ورغم ما عاناه ويعانيه في كل ثانية ودقيقة من قتل وارهاب وفقر ، ورغم استهدافه هو البريء دونما غيره ، ورغم ان الأعم الأغلب من اعضاء مجلس النواب السابق عملوا وجاهدوا ليكونوا الأثرى والأغنى في كل بقاع العالم وسعوا وجاهدوا لتحقيق مصالحهم الشخصية، سيتوجه الى صناديق الناخبين ليدلوا بصوته ويختار.
كانت تجربة السنوات الماضية فيها الكثير من المرارة والعذاب لنا كعراقيين وذقنا الويلات والويلات ونحن نرى ونسمع عن الصراعات بين احزاب البرلمان وكنا نموت كل يوم الف ميتة ونحن نتفرج على اعضاء البرلمان وهو يتفقون بالاجماع على رواتبهم وامتيازاتهم وارباحهم واسفارهم ويختلفون حد الاقتتال اذا كان الموضوع يتعلق بحقوق الناس فلا يقر الا بعد صراع وصراع .. تجربة مرة بكل ما تحمله هذه المفردة وفيها من المنغصات لا يعد ولا يحصى وتعددت وتنوعت وسائل قتل العراقيين ولم ينال هذا الشعب من برلمانه السابق سوى النكت والطرائف التي بدأ بعض من هواة " التحشيش" تأليفها على البرلمان المنتهية ولايته.
وقد يقول البعض اذا ذقنا كل هذا ما الذي يدفعنا الآن للاسهام بانتخاب برلمان جديد قد يكون أسوأ من السابق؟ هل نصوت لنأتي بأناس جدد يثروا وتمتلئ بطونهم وكروشهم من ثرواتنا؟ هل نعيد الكرة ونضع الطامعين بسدة الحكم على أول طريق ليحكموا بأسمنا ويتنعموا بخيرنا دونما أن يذكرونا يوماً بالخير الذي يتنعمون به؟
واقول كل هذا صحيح ومن حق الناس أن يبدوا مخاوفهم وقلقهم من تكرار التجربة الماضية ومن تلقيهم طعنة في الظهر من جديد، ولكن أليس نحن من نقرر؟ فلم لا نأتي بالصالح والفرصة مواتية من خلال وجود الأسماء أمامنا في القوائم الانتخابية المفتوحة؟
ارى ان الآوان قد حان لنشطب على كل تجربة الماضي القريب المريرة ونسعى بكل جهدنا لنمنع من كان في البرلمان السابق من العودة اليه مجدداً وعدم السماح- عبر اصواتنا لا بالاجتثاث- من تواجد من تاجر باصواتنا ودمائنا واحلامنا أن يعود مجددا ليحتل مقعدا في البرلمان الحالي.. دعونا نعمل بجد ونتمعن بمن نختار لأن التغيير نحن من نصنعه لا يفرض علينا بالقوة.
انا على يقين رغم كل ما ذكرته من معاناة وويلات مرت على العراقيين ان حماسهم للتغيير سيدفعهم لتحدي كل شيء والتوجه لصناديق الانتخابات لانهم يعون ان لا تغيير يحدث دونما ان يسعوا اليه ويحققوه، بل هم من يجعل هذا التغيير حقيقة لا غبار عليها.. اعتقد ايضا ان المشاركة ستفوق مشاركة الدورة السابقة لأن الجميع يدرك أن طرد السيئيين لن يتم الا عبر صناديق الانتخابات.. ومهما كانت النتائج لإن الفائز الأكبر هو الشعب لأنه مارس جزءاً من حقوقه الدستورية ؟
لنجعل من السابع من اذار عرساً وطنياً نختار فيه بكل دقة وبعيداً عن المسميات العرقية والمذهبية والطائفية طريق التغيير والبناء والارادة الحرة الوطنية التي من شأنها محو آثار السنوات الماضية بكل ما حملته من نكبات ومآسي.