هذه هي الديمقراطية الأمريكية، لمن لا يزال لديهم (حلم) أو (وهم) التعلق بها،اؤلئك الذين يحجون اليها كل حين طلبا للدعم السياسى ، اوالمالى ، او اؤلئك الذين يعيشون فيها او تعيش فيهم من دعاة حقوق الانسان والديمقراطية ، اليهم جميعا شهادة اخرى على زيفها ، فلقد حملت لنا الأنباء، فضيحة أسرى معتقل جوانتانامو وكيف أن بوش ورامسفيلد وأركان إدارتهم كانوا يعلمون جميعاً أن الـ(742 أسير) أبرياء، وأن سجنهم كان لأهداف أخرى منها إدامة أمد الحرب ضد المسلمين والعرب واستخدام قضيتهم كذريعة لاستمرار تلك الحرب، وبعد نشر صحيفة التايمز البريطانية للقضية وكشفها للفضيحة تناقلت الأنباء خبراً آخر أكثر مفاده أن الدكتورة/ عافية صديقي الباكستانية الجنسية والحاصلة على 144 شهادة فخرية منها دكتوراة في الطب النفسي من جامعة هارفارد وهي تحفظ القرآن كاملاً، أنها مسجونة في سجن الولايات المتحدة منذ سنوات، وبعد اتهامها زوراً بالاتصال بتنظيم القاعدة تم اختطافها هي ووالدها وأولادها الثلاثة من قلب العاصمة الباكستانية كراتشي، بالتنسيق المشترك بين المخابرات الأمريكية ومكتب التحقيقات الأمريكي والمخابرات الباكستانية، إن المعلومات المنشورة حديثاً عن الدكتورة (عافية صديقي) تؤكد أنها من قسوة التعذيب الجسدي بل والانتهاك الجنسي قد أصيبت بفقدان الذاكرة وأنه يتم سجنها الآن في سجن للرجال… !!.
* تلك هي مأساة الدكتورة المسلمة (عافية صديقي) في سجون واشنطن ومثلها قرابة الـ 700 معتقل من أبناء أفغانستان، وباكستان، والدول العربية في معتقلات واشنطن وجوانتانامو … حول هذه المأساة دعونا نسجل ما يلي عل ما نكتبه يفيد:
فأولاً: من متابعتي لقضية هذه العالمة الباكستانية الدكتورة عافية صديقي، ومأساة فقدها للذاكرة بعد تعذيبها وسجنها في واشنطن، وجدت أنها بريئة من الاتهام الموجه إليها وأنها قد سجنت وأسرتها ظلماً مثلها مثل مئات المظلومين من جراء الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق، وأنها استُخدمت كورقة من بين الأوراق الأمريكية الأخرى لإفهام العالم، بأن واشنطن تواجه الإرهاب، فأي إرهاب هذا الذي تمثله امرأة ضعيفة الحيلة والدور مع أولادها الأطفال !!.
ثانياً: إن حجم ونوعية التعذيب البشع الذي مُورس على (عافية صديقي) من التعذيب الجسدي إلى التعذيب (الجنسي) وانتهاءً بالتعذيب المعنوي مما أفقدها الذاكرة، لهو إدانة جديدة لهذه الديمقراطية الأمريكية التي يتغنى بها المارينز العرب من كتابنا وسياسينا من دعاة العلاقات الدافئة مع واشنطن ومن حملة مباخر ديمقراطيتها في بلادنا، هذه هي ديمقراطية واشنطن في أنصع صورها، ولا داعي للف والدوران كثيراً والادعاء بأن الأمر مجرد حادثة فردية أو أنه لا ينبغي تحميل (الديمقراطية) كفلسفة وأيديولوجية، أوزار واشنطن وقذارتها تجاه العالم، وتجاه المسلمين بخاصة، ففي ظني أن كل هذا من باب التكفير بالتمني، وأن الواقع هو أن الغرب وفي قلبه واشنطن وديمقراطيتها لا يطبقون تلك الديمقراطية إلا على مواطنيهم أما مواطنينا فلهم الإذلال والقهر، والتعذيب وفقدان الذاكرة.
ثالثاً: إذا فرضنا جدلاً أن (عافية صديقي) والـ 742 مسلم في سجون واشنطن وجوانتانامو، قد مارسوا العنف أو دعوا إليه ضد واشنطن في أفغانستان أو باكستان أو غيرها من بلادنا (وهذا بالمناسبة غير صحيح على إطلاقه) أفالم يكن من القانوني، والأكثر مراعاة للعدالة والإنسانية (وقبلها الديمقراطية) أن يتم محاكمتهم في بلادهم أولاً فإذا ما ثبت تورطهم فيما تدعيه واشنطن، يتم معاقبتهم وسجنهم في بلادهم؟! أما ما جرى فإنه وأياً كان الخلاف مع هؤلاء المعتقلين، ومع التنظيم (القاعدة) الذي تدعي واشنطن انتماءهم إليه، فإنهم يظلون، بمأساتهم والتي أحدثها مأساة الدكتورة عافية صديقي وصمة عار على جبين واشنطن، وعلى وجه كل من يدافع عن ديمقراطيتها في بلادنا، وبخاصة أصحاب دكاكين حقوق الإنسان، ودعاة تقليد نموذجها أو تصديره، أو أولئك الذين قبلوا في (لحظة عار) خالدة أن يتلقوا منحاً مالية من مؤسسات أمريكية، منحاً ملوثة بدماء الشهداء في فلسطين والعراق وأفغانستان ولبنان، إنها لحظة عار تصم أولئك الذين قبلوا أن يصافحوا السفير (أو السفيرة) الأمريكية في بلادنا ليتلقوا منها منحة مالية لدعم حقوق الإنسان في بلادنا، إن دموع (إنسانة) اسمها عافية صديقي أياً كان دينها، أو مذهبها، في سجون واشنطن، بعد تعذيبها إلى حد إفقادها للذاكرة على أيدي دعاة الديمقراطية هؤلاء ،لهي شهادة ناصعة جديدة على هذا (العار الديمقراطي الأمريكي) ووكلاءه في بلادنا المبتلاة بهم!!.
ولا حول ولا قوة إلا بالله